يبذل الشيخ الطيب شيخ الجامع الأزهر ، قصارى جهده ، من أجل تحسين صورة الإسلام ، التى تشوهت كثيراً ، من جراء الجرائم التى إرتكبتها ولاتزال ، تنظيمات وجماعات الإرهاب الإسلامى ، والى حد قيامه بجولات وزيارات الى عقر دار كبرى الدول الغربية ، موضحاً ومشدداً ، على أن تلك الجرائم ، ليست من الإسلام فى شئ ، ولا من تعاليمه السمحة ، والمفارقة ورداً على أحاديثه ، وداخل البرلمان الألمانى (البوندستاج) ، فقد خرق سمعه "انك تحدثنا عن إسلام آخر ، غير الإسلام الذى نعرفه"
والمفارقة أيضاً ، حين تأت فعلة من جرائم داعش وأخواتها ، فتحيل أقوال الإمام وأحاديثه وتجعل منها .. مجرد أقوال مرسلة ، فتذهب جهوده صوب أدراج الرياح .
على ذات درب نهجه ، أصدر الرجل أحدث فتواه ومفادها "الأوروبيون سيدخلون الجنة ، بدون عذاب" ، فشكراً لفضيلة الإمام على تلك الفتوى ، لكن التساؤل المنطقى الذى يبرز على السطح : لمن أصدرت فتواك ياشيخنا الجليل ؟ هل الى الأوربيين ، أم الى المتشددين من بنى جلدتك ووطنك ومعهم بالطبع ، المؤمنين الغيورين على الإسلام والمدافعين عنه ، بمثال داعش وأخواتها ... ؟
إن كان المقصود من ذلك هم الغرب عامة وأهل أوروبا خاصة ، فأقول لك سيدى ، هم ليسوا بحاجة الى تلك الفتوى ، بل وليس من قبيل المبالغة ، ولاتصدم فى ذلك .. ولاهم بحاجة الى جنتك ، ولو كانت على طبق من ذهب .. جنة حور العين هذه والولدان المخلدون وأنهار الخمر والعسل ، وكل مابها من متع حسية ، فالمؤمنين منهم ، الجنة لديهم ، بل وللدقة الفردوس لديهم ، روحى وأنت تعلمه ، وان لم يكن الأمر كذلك ، فلتطالع ماجاء بشأنه بدرة الكتب ، بالأنجيل المقدس .
أما ان كان المقصود فى ذلك ، مخاطبة المتشددين ، على كافة نحلهم ومشاربهم ، فأقول لفضيلتكم ، كلامكم مرفوض جملة وتفصيلاً ، من قبل هؤلاء ، وسوف تجد من ينبرى لك من بين الصفوف ، ليكذب أقوالك ، ويقدم لك أدلته من كتب التراث ، على أن هؤلاء القوم .. كفار وهالكين لامحالة . !!!
ولنطالع أحبائى ماجاء بتلك الفتوى :
** شيخ الأزهر: لهذا السبب الأوروبيون سيدخلون الجنة بدون عذاب .
القاهرة ـ أفتى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، بأن الأوروبيين ينطبق عليهم حكم “أهل الفترة” ، لن يعذبهم الله ؛ لأن دعوة النبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - بلغتهم الآن بطريقة “مغلوطة ومغشوشة ومنفرة” .
ذكرت صحيفة “المصريون” ان الطيب أوضح في برنامجه ، الذي يذاع على التلفزيون المصري وقنوات فضائية أخرى “الناس في أوربا الآن ، لا يعرفون عن الإسلام ، إلا ما يرونه على الشاشات من قتل وغيره ، ولذا ينطبق عليهم ما ينطبق على أهل الفترة ، لأن العلم لم يحصل عندهم” ، فكيف يعذب الله – سبحانه وتعالى- شعوبا مثل الشعوب الأوروبية ، وهي لم تعرف عن محمد (ص) أي صورة صحيحة ، وكذلك الحال مع الوثنيين في أدغال أفريقيا ، الذين لم تبلغهم الدعوة أو بلغتهم بصورة مشوهة ومنفرة وحملتهم على كراهية الإسلام ونبي الإسلام” .
وأشار شيخ الأزهر إلى أن “هناك تقصيرا من علماء الإسلام ، في تبليغ رسالة الدين السمح ، إلى غير المؤمنين به أو الوثنيين ، وهذا التقصير من ناحيتين : حين سُكِت عن توصيل الرسالة للناس ، ومن شاء فليؤمن بعد ذلك ، ومن شاء فليكفر ، وحين تم تصوير الإسلام بصورة رديئة مجتزأة وملفقة” .
وتابع “بل إن من يقومون بالدعوة الإسلامية في إفريقيا ، لا يذهبون بها للوثنيين ولكن للمسلمين ، ليقولوا أنتم أشاعرة كفار أو صوفية كفار ، وعليكم أن تدخلوا في الإسلام من جديد ، وهو جهد وأموال مهدرة ، لأن المنطلق فاسد إسلاميا ، وكثير كان يرى ، أن محاربة الصوفية مثلاً ، لها الأولوية على تعريف الوثنيين بالإسلام ، فماذا يُنتظر من دين علماؤه ، يكفر بعضهم بعضًا ، وكل منهم يقاتل الآخر” . (القدس العربى – 27/6/2016)
ولنطالع بعض من التعليقات التى جاءت عن الفتوى :
* سؤال يسأله الكثيرين ، هل سيدخل الاوروبين والصينين الجنة ام النار ، نقول لهؤلاء ، لم نجهد أنفسنا فيما ليس لنا به شأن كما قال نوح لقومه (ان حسابهم الا على ربي لو تعلمون) ، ان دخلوا الجنة او النار ، فلن ينقصوا من نصيب احد ، ولسنا بأرحم ولا بأعلم من الله بعباده .
* ليست لي قامتك العلمية والفقهية والدينية حتى أرفع صوتي عليك وفوقك سيدي الشيخ … ولكن حزّ في نفسي وأنا المحب للإسلام والمسلمين عبر ربوع هذا الكون الفسيح ، قد وجدت في بعض الفقهاء ، يفتون على المقاس وحسب درجة الحكم والحاكم ، فمنهم من أباح بالقتل والضرب في المليان وتنبأ بمقدم أحد الرؤساء ، أنه مثل موسى وهارون من المنزلة وهو العبد غير المنزه عن الخطأ … فكيف لي أن أثق في مثل هكذا فتوى تبشر الأوربيون بالجنة وهم الذين ، يشهرون كفرهم ومعادتهم لكل من يقول “لا إله إلاّ الله” سبحان الله . ماهذا الإفتاء وبخاصة ونحن في ضيق من أمرنا ، من كل الجوانب الداخلية والخارجية …
سؤال ما حكم من إنقلب على إرادة شعب على خمس مراحل من الإستحقاق ؟ أعذرك إن لم تجب . أعرف أنّك مسير في الاجابة ، غير مخير حسب ما قال الله قال الرسول
ملاحظة : أمثالك هم الذين لم يعطوا للإسلام وجهه الحقيقي ، لأنّ بقية الشعوب ، تنظر إلى ما يفتي به علماء الأمة ، وليس ما يقوم به العوام ..
وأنبهك أنّ : النّاس على دين ملوكهم … ولله في خلقه شؤون .. وسبحان الله
* يا شيخ أكثركم فتوى ، اقربكم إلى النار .
* الله سبحانه و تعالى لا يظلم أحدا و قد قرأت مرة في كتاب الفقيه والامام الراحل شلتوت ، أن الكافر هو من وصله الإسلام على النحو الصحيح دون تشويه ، ولم يمنعه حائل من عقل او غيره ، أن يفهمه و يدرك صوابه ، ولكنه رفضه لكبر او غاية أخرى في نفسه ، و الله أعلم .
لكن في النهاية ليس لبشر ، أن يحكم من يدخل الجنة والنار ، سواء من المسلمين او غيرهم . الله أعلم بكل إنسان وبما وصله وبمدى استجابته لفطرته وبالعوائق ، التي قد تحول بينه وبين تلك الفطرة وبما في قلبه وبعمله ، صالحا كان أم طالحا ، لكنني أؤمن ، أن الإلحاد يناقض الفطرة وأنه سواء كان المرء مسلما ام لا ، أنه لا مبرر للظلم ، وأن الله لا يهدي القوم الظالمين ، و الله أعلم .
* هل يملك هذا الشيخ مفاتيح الجنة وقلوب العباد وما أدراه بالغيب ، الذي ما هو إلا لله عز و جل , و الله لا أدري إلى أين سيذهب بي ، هل إلى الجنة أم إلى النار .
هل يعرف الشيخ أين سيكون مستقره ؟
* فعلا !! يعنى من قالوا ان عيسى عليه السلام اله ، وان لله عز وجل (تعالي عما يقولون) ولد وزوجة ، سيدخلون الجنة !! طب سؤال امال مين بقى اللي هيدخل النار ؟ !! أكيد المسلمين ماهو مش فاضل غيرهم . !!
* احب ان اقول لشيخنا الكريم ، ما هو الذي سوف يستفيدة الاروبيون ، من اطلاق فتوي مثل هذة . هل كانو سبدخلون النار وانقذتهم منها بفتواك ؟
ان هذة الفتوي سوف تحسن من نظرة الاروبيون غير معتنقي الاسلام لاسلام . انا كمسلم اروبي اذا قرات فتوي مثل هذة ، سوف اصدم واقول يا ليتني لم اسلم وكنت سوف ادخل الجنه بدون معاناه ، وكيف ان يستوي من اقام الصلاه ، مع من لم يعرف للصلاة معني ؟ وهل تعتقد ان غير المسلمون من الاوروبيون ، سوف يحترمون الاسلام ، اذا سمعوا فتواك او سوف يرضون دخول جنتك التي تزعمها انها لهم ؟
انا اريد ان اسال فقط ، من المستفيد من هذة الفتوي وانت تثبت غير المسلمين علي حالهم ، وتبرر لهم ايضا وعلي هذا المبداء . اقول لك امرين الامر الاول ال فرعون اذا دخلو النار ، فالله سيظلمهم ، لان فرعون هو من شوة صورة موسي في اعينهم وادعي انه اله ، والامر الاخر ان الله اخطاء عندما جعل رسولنا الكربم محمد عليه الصلاه والسلام خاتم الانبياء والمرسلين .
كلمـــــــة أخيرة :
هناك مثل عامى يقول (ما جمعه النمل في سنة) أتى عليه (الجمل بخفه) ، وهو ماأراه منطبقاً على جهودكم الطيبة ياشيخ طيب ، ثم تأت جريمة واحدة وكماسلفت الإشارة من قبل من داعش أو أخواتها ، فتحيل كل تلك الجهود وفى ثوان ، الى هباء . ليس ذلك وحسب ، وأنما تضعك سيدى فى وضع لاتحسد عليه ، حيث مخالفة أقوالك وأحاديثك ، لماهو موجود بكتب التراث ، وباد بأنظار العالم وبصورة مجسمة ، فيما يرتكبه داعش وبوكو حرام وغيرهما ، بحق الأبرياء ، بل وضد المسلمين أنفسهم .
إسمح لى سيدى بأن أشير عليكم بالوجهة الصحيحة ، لساحة بذل جهودكم ، والتى من شأنها ، لوخلصت النوايا والجهود ، أن تكتب اسمكم بأحرف من نور بالتاريخ الإسلامى . تلك هى .. تجديد الخطاب الدينى ، بطريقة صحيحة وليست مظهرية ، وبعيدا عن إخوان الأزهر وسلفيه .
خطاب يتسم بقبول الآخر ، ويتفق مع مبادئ حقوق الإنسان العالمية ، وأن يجعل من النماذج الشاذة بكتب التراث ، مجرد حالات فردية ، لايجوز القياس عليها ، أو الإقتداء بها ، حيث هى تختص بزمانها وبالحالة التى وجدت عليها فقط .
بالقطع يامولانا الجليل قد اتصل علمك ، بماذكره الشيخ حسن العطار ، عن الخطاب الدينى ، كما يتبناه الأزهر ، حيث يقول إنه كان مجرد نقل عن القدماء ، وتكرار لما قالوه ، دون أى مراجعة أو إضافة أو اجتهاد .
كذا الحديث الذى أجراه «الأهرام» ، مع الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية ، وقد جاء متفقا تمام الاتفاق ، مع ما قاله العطار ، حيث يقول إن الكتب التى تدرس فى الأزهر الآن ، كتب قديمة تتحدث عن أشياء ، لا وجود لها ، و«مناهج الأزهر ـ كما جاء فى العنوان الذى صدر به الحديث .. لا تواكب العصر» .
فى هذا السياق أعجبنى كثيراً تناول كاتبنا الكبير أحمد عبد المعطي حجازي لذلك ، بجريدة الاهرام فى 29/6/2016 ، حيث قال : .. إذا كان كلام الشيخ عاشور ، قد تطابق مع كلام الشيخ العطار، فمن حقنا أن نقول ، إننا فشلنا حتى الآن ، فى تجديد الخطاب الديني . لماذا فشلنا فى تجديد الخطاب الديني ؟ الجواب هو أننا ، لم نحدد حتى الآن ، ما نقصده بتجديد الخطاب الديني .
نحن نظن ـ أو كثيرون منا ـ أن تجديد الخطاب الدينى ، لا يتطلب إلا بعض المواعظ الحسنة ، وبعض الفتاوى المتساهلة التى نوفر بها للمسائل التى جدت فى حياتنا ، غطاء دينيا ، كالفوائد المصرفية ، وتولى المرأة بعض المناصب ، وزرع الأعضاء ، ولهذا نتجه بطلبنا الى علماء الأزهر ، لأن الفتوى الدينية ، هى تخصصهم العلمى ، وهى نشاطهم المهنى الذى يمارسونه ، بما يملكونه من نصوص موروثة ، هى ذاتها النصوص التى نشكو من تحجرها وعجزها عن التجاوب ، مع روح العصر والإجابة على أسئلته ، لكن هؤلاء السادة ، يتحايلون أحيانا على هذه النصوص التى تختلف فيما بينها ، وتحتمل أكثر من قراءة ، ويستخرجون منها ، ما يريدون أو يريده السائل طالب الفتوي ، خاصة اذا كان صاحب جاه ، أو سلطان .
وتجديد الخطاب الدينى بهذه الطريقة ، لا يمكن أن يتحقق ، لأن الخطاب الدينى ، ليس مجرد نصوص محايدة ، ننطقها بالمعنى وبعكس المعني ، وإنما هى تعبير عن عقلية ، وهى نتاج لعصر مضى وانقضى ، وأصبحنا فى عصر آخر له مطالبه وله خبراته والتزاماته العملية والأخلاقية ، التى يجب أن تكون ، هى مدخلنا فى فهم الواقع وفهم النصوص ، وليس العكس ، فنحن لن نفهم الواقع ولن نجيب على أسئلته بخطاب دينى ، نكتفى بترقيعه أو ترميمه ، وإنما نحتاج لخطاب دينى جديد ، يبدأ من التسليم ، بما جد فى الواقع من حقائق ، انتقلنا بها من عصر الى عصر آخر ، فلابد من الاعتراف بها ، والانطلاق منها . انتهى
بهذا وحده سيدى يضحى لجهودكم من ثمار طيبة ، ليس ذلك وحسب وانما ، دون ياتاريخنا الإسلامى ، جهود الشيخ الطيب فى تجديد الخطاب الدينى . واذا لم يحدث ذلك من جانبكم مولانا ، فلا جديد تحت شمس الوطن الغالى .. لاتجديد ولاوجع دماغ ولادياولو .. فيما على المستوى الخارجى ، فليظل قائماً أمام أنظار العالم أجمع ، ذاك التناقض الفج ، فيما يقال عن الإسلام السمح بالاعلام ومن جانب رجال الدين ، ومايحدث على أرض الواقع ، وفى دول عديدة منه ، ماترتكبه جماعات الإرهاب الإسلامى ، من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ، هؤلاء المنتمون لهذا الإسلام السمح . !!!
الرب يحفظ مصرنا الغالية من كل شر وشبه شر .